الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

أميرة لعبة الفراق



قابلها بعد شهور من انفصالهما ..

في اول ايام الفراق كان اليوم يمر كالمدمن المجبر على العلاج .. كل الأشياء باهتة و مؤلمة .. كان يكره الليل .. يكره موعد مكالمة قبل النوم التي اعتادا عليها سنوات .. كان يشعر ان عقله اصبح حبيسا للذكريات و التوهمات .. حتى انه ظل أياما يقنع نفسه وهو في سيارته عائدا للمنزل أن كل شئ طبيعي و ان الليلة سيحدث حبيبته كما كل ليلة .. كان يوهم نفسه أن النوم غلبه و أنه قصر في حق حبيبته ولم يتصل بها فيستيقظ في الصباح يرسل لها رسالة اعتذار و يحكي فيها كيف كان يومه أمس .. ألم الفراق كان اكبر من ان يفهمه وحده أو ان يدرك انها هجرته .. ربما كان إحساسه انه لم يكن له حق الاختيار في إنهاء تلك العلاقة هو ما يجعله عاجزا عن ترتيب الحياة بعدها .. كان قد وصل بحبه لها أنها اصبحت أميرة كل رسوماته للغد .. كان يرسمها في صفحة بيضاء ثم يرسم الرسمة حولها لا يهم ماذا يرسم كان المهم انها موجودة داخل تلك الرسمة ..

مع مرور الأيام بدأ يفهم الأمور .. لقد انكسرت مرءاة المثالية من حبيبته .. تلك المرءاة التي تجعلك تصف كلمة المثالية بالمواصفات التي تجدها في حبيبك ليس ان تقارن حبيبك بمسلمات المثالية المعروفة للجميع .. تلك المرءاة عندما تنكسر ببساطة تنتهي كل الحكاية و يسقط الفارس عن حصانه الأبيض و يكتشف ان الأميرة ليست أميرة و انه ابدا لم يكن فارسا ... كان قد بدأ في تغيير هواية رسم احلامه حولها لهواية جديدة وهي الشخبطة .. كان يكتب اسمها ثم يشوهه بخطوط تجرح بعضها و تدور كالتائهة في ورقته البيضاء .. و في كل مرة كان يكتشف ان خطوطه الحزينة تعجز عن جرح اسم حبيبته فهو لم يحبها لأنها أميرة إنما عشقها ليجعلها أميرته فمرءاة الحب حتى وإن انكسرت فهي مرءاة عمياء لا نرى فيها و إنما نتخيل و نحلم ..


بعد شهور كان قد اكتفى بذكرياته معها و اخذ يدونها حتى لا ينساها .. و ظل مواظبا على رسالة الصباح ليتكلم معها و يحكي لها أيامه و تأقلم على عدم انتظار الرد .. كان يرضيه أن يستمتع بحبها حتى وهي غائبة .. اخذ يلقن نفسه انه يحبها لأنه لا يريد غيرها و لكنها هجرته و لن يسامحها على هذا يوم ستعود لتطلب سماحه و ان تعود لمملكته فلن يسمع لها و لن يشفع لها حبه .. فهو قد صار أنانيا و لن يبحث سوى عن نفسه ولن يراعي سوى احلامه اما هي فلا تستحق ان تحلم معه او به .. عاش و قد اقنع نفسه انه بهذا يعاقبها على هجرها .. 
و كان اليوم .. شاهدها اتية من بعيد.. كان اول مرة يراها من شهور .. فجأة تبعثرت كل اوراقه , رسوماته , قرارته حتى احاسيسه توقفت و تضاربت ..فجأة شعر ان كل الشهور البائدة تلاشت و اختفت و كأنه كان معها بالأمس لا وكأنه كان يكلمها من ساعة واتفقا على اللقاء .. كلما اقتربت منه كلما تلاشت الأزمنة و سقطت القرارات و عادت الذكريات و كأنها واقع  عاجزا هو عن ترجمة الأحاسيس أو إدراك الموقف أو حتى اتخاذ القرار .. اقتربت حتى كادت اكتافهما أن تتلامس ..فجأة بدأ يحلم احلاما جديدة بلقاء جديد بينهم .. يتخيل أن كل ما حدث كان خيالا في عقله وانها ها هي قادمة اليه كالعاده ..  عندما فاق من اضطرباته و احلامه و اوهامه كنت اميرته قد رحلت عنه بخطوات و معها كل الشهور و كل القرارات ..  للمرة الثانية فرضت سطوتها عليه دون حتى نظرة من عينيها سحبت منه كل امتيازات العقاب الزائف الذي يطبقه  .. اخرج هاتفه ليقرأ رسالة وصلته بعد ان ابتعدت عنه بخطوات  .. رسالة  لم يسمع وصولها غيره  و ابدا لن تجدها في صندوق رسائله  .. لكنك ستجد رده مع باقي رسائل الصباح ( و انت كمان وحشتينى ) ...  .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق